العودة
الفصل الأول: العودة
حنين، فتاة في أواخر العشرينات، تعود إلى بيت العائلة بعد وفاة والدها. تجد أن المنزل تغير، ليس في جدرانه، بل في النفوس التي تسكنه.
توثيق: مشهد جنازة الأب، والعودة من الغربة، واستقبال الإخوة لها بتوتر غير معلن.
الفصل الثاني: الغرفة المغلقة
تبدأ حنين في استرجاع ذكرياتها في المنزل، وتكتشف أن غرفة والدها مغلقة منذ وفاته. يتجنب الجميع الحديث عنها.
توثيق: حوار بينها وبين أخيها الأكبر الذي يرفض فتح الغرفة بحجة احترام "ذكراه"، بينما الشكوك تتزايد.
الفصل الثالث: الميراث
تنفجر الخلافات عند فتح وصية الأب. يُكشف عن تنازلات قديمة، وبيع جزء من المنزل دون علم الجميع.
توثيق: وثائق قانونية، حضور محامٍ، جلسة توزيع الإرث، وخلافات بين الإخوة على نصيب الأم.
الفصل الرابع: الماضي يعود
يظهر عمهم الغائب منذ سنوات، ويطالب بحقه في جزء من البيت مدّعياً أن الأب كتب له تنازلاً قبل وفاته.
توثيق: عقد قديم، مقارنة التوقيعات، فحص قانوني لصحة المستند.
الفصل الخامس: الأم
الأم تصاب بانهيار عصبي من كثرة الشد والجذب بين أولادها، وتصبح حالتها الصحية متدهورة.
توثيق: تقرير طبي، حوار مع الطبيب، زيارة المستشفى، وتبادل الاتهامات بين الأبناء.
الفصل السادس: القرار
تجلس حنين مع إخوتها وتطرح فكرة بيع البيت وتقسيم المال، لإنهاء النزاع، لكن القرار ليس سهلاً.
توثيق: عرض شراء من أحد المستثمرين، مقارنة بين العاطفة والعقل، جلسة عائلية مطولة تتخللها دموع واعترافات.
الفصل السابع: الوداع
وسوف نشرح كل فصل من الفصول بالتفصيل
الفصل الأول: العودة
عاد صوت المفاتيح في الباب القديم بعد غياب دام سبع سنوات.
فتحت حنين الباب ببطء، كأنها تخشى أن توقظ شيئًا نائمًا.
رائحة البيت لم تتغير، مزيج من العطر الرجالي الذي كان والدها يضعه، والكتب القديمة في المكتبة الخشبية.
سكون ثقيل يسكن المكان، لا صوت إلا خطواتها الخفيفة وهي تمر فوق سجاد بهت لونه.
استقبلها أخوها الأكبر "وليد" بوجه متماسك، لكن عينيه لم تستطيعا إخفاء التعب.
قال لها وهو يحتضنها:
– "البقية في حياتك، يا حنين."
ردت بصوت مخنوق:
– "حياتك الباقية... ما كنتش أتوقع أرجع بالشكل ده."
كان موت الأب بمثابة الصاعقة التي أعادت جمع الإخوة الخمسة.
حنين، التي تعمل في الخارج، لم تكن تعلم أن الزمن غيّر كل شيء في البيت...
حتى العلاقة بين الأخوة، التي كانت في يوم من الأيام، متينة كجدران هذا المنزل.
في صالة الجلوس، جلست والدتها على الأريكة بصمت، تنظر إلى حنين كأنها تخشى أن تنهار إن تكلمت.
قالت الأم وهي تقاوم دمعة:
– "أبوك مات زعلان يا بنتي... ما قدرناش نجمعكم قبل ما يغمض عينه."
الفصل الثاني: الغرفة المغلقة
في اليوم التالي للجنازة، استيقظت حنين باكرًا على صوت المكنسة في الممر.
رأت والدتها تنظف كأنها تهرب من شيء، وتردد بصوت منخفض وهي تمسح الغبار:
– "ما أحب أشوف البيت كئيب... لازم يفضل صاحي حتى لو صاحبه راح."
دخلت حنين غرفة والدها القديمة، لكنها وجدتها مغلقة بالمفتاح.
استغربت، فهي كانت الغرفة الوحيدة التي بقيت كما هي طوال السنوات الماضية.
ذهبت إلى وليد وسألته عن المفتاح.
قال ببرود:
– "محدش يدخلها، خليها زي ما هو سايبها... فيها خصوصياته."
لكن شيئًا في صوت وليد لم يكن طبيعيًا.
حنين أحست أنه يخفي أمرًا ما.
قالت له وهي تحاول كتم غضبها:
– "هو مات، بس إحنا لسه أحياء... والبيت ده لازم نعرف كل اللي بيحصل فيه."
توتر الجو.
دخل الأخ الأوسط "عمر"، وقال بحسم:
– "مافيش داعي لفتح جروح قديمة. الغرفة دي فيها أسرار... يمكن أحسن تفضل مقفولة."
زاد فضول حنين.
لم يكن الأمر مجرد احترام للذكرى، بل أقرب إلى الهروب من الحقيقة.
في المساء، تسللت الأم إلى باب الغرفة، وقفت أمامه دقائق، وضعت يدها على المقبض كأنها ستفتحه... لكنها تراجعت
الفصل الثالث: الميراث
في الأسبوع الذي تلا الجنازة، اجتمع الإخوة حول مائدة لم يجتمعوا عليها منذ سنوات.
جلس المحامي أمامهم، فتح ملفًا بني اللون، وقال بهدوء:
– "وصية المرحوم محفوظة هنا، وكل شيء موثق رسميًا... هنبدأ بتقسيم البيت."
ساد صمت مشحون.
كان الجميع يعرف أن هناك أمورًا غير واضحة، لكن لم يتوقع أحد المفاجأة.
تابع المحامي:
– "حسب الوصية، المرحوم تنازل قبل وفاته عن جزء من البيت لوليد... مقابل أن يتولى رعايته في سنواته الأخيرة."
نظرت حنين إلى أخيها بدهشة، وقالت:
– "يعني البيت اتقسم من غير علمنا؟ وإحنا فين؟"
قال عمر وهو يرفع حاجبيه:
– "أنتِ كنتي برا... وأنا كنت مشغول بشغلي... هو شايف نفسه أحق!"
رد وليد بصوت مرتفع:
– "أنا اللي كنت جنبه لما تعبتوا كلكم! أنا اللي دفنت أبويا بيدي!"
تدخلت الأم بصوت مرتجف:
– "هو ما قالش لحد... ما كنتش أعرف غير بعد التوقيع."
تحوّل الاجتماع إلى ساحة معركة.
الحديث لم يعد عن المال فقط، بل عن الإحساس بالتهميش، والخيانة، وانكسار العلاقات.
انهارت حنين بالبكاء، ليس فقط على ما فُقد من ممتلكات، بل على ما انكسر في قلب العائلة.
الفصل الرابع: الزيارة الليلية
في إحدى الليالي، استيقظت حنين على صوت خافت يأتي من الطابق العلوي.
خرجت من غرفتها وهي تمسك بمصباح صغير، خطواتها مترددة، لكنها مدفوعة بالقلق.
كان الصوت يأتي من غرفة والدها، المغلقة منذ الوفاة.
تسمرت في مكانها حين رأت ضوءًا خافتًا يتسرب من أسفل الباب...
شعرت بقشعريرة تسري في جسدها.
اقتربت، ووضعت أذنها على الباب...
سمعت حركة ورق، كأن أحدًا يبحث في ملفات أو يقرأ رسائل.
قالت بصوت خافت:
– "مين جوه؟ وليد؟ عمر؟"
لم يُجبها أحد.
عندما فتحت الباب ببطء، لم تجد أحدًا...
لكن المكتب كان مفتوحًا، وبعض الأوراق متناثرة على الأرض.
اقتربت حنين من الكرسي الذي كان والدها يجلس عليه دائمًا،
ووجدت عليه صورة قديمة لامرأة غريبة...
وخلف الصورة، رسالة مكتوبة بخط والدها تقول:
"أنا آسف... ما قدرت أقول الحقيقة قبل ما أموت."
الفصل الخامس: السر المدفون
في صباح اليوم التالي، جمعت حنين إخوتها حول المائدة القديمة.
وضعت الصورة والرسالة أمامهم، وقالت بصوت حاسم:
– "فيه حاجة ما نعرفهاش... بابا كان مخبي سر كبير، ووصّل لنا رسالة واضحة."
نظر عمر إلى الصورة وقال:
– "دي مش أمي... دي ست تانية."
أضاف وليد وهو يحدق في الرسالة:
– "يمكن دي تبقى حد من الماضي... أو يمكن أختنا؟"
هنا تغير وجه الأم، ارتجفت يدها، وقالت بصوت مكسور:
– "كان فيه بنت... من قبل جوازنا. بس ما حبيتش أحكي."
صدم الجميع.
فتحت حنين فمها بصعوبة:
– "يعني إحنا لينا أخت؟ ومش نعرفها؟"
أومأت الأم برأسها، وقالت:
– "أبوكم كان بيزورها سرًا... يمكن هي السبب في تبرعه بجزء من البيت... يمكن حب يعوضها."
أصبح واضحًا الآن أن الخلافات العائلية لم تكن فقط بسبب الميراث، بل أيضًا بسبب أسرار ماضية أثقلت قلب الأب حتى وفاته.
الفصل السادس: القرار
مرّت أيام من التوتر، تبادل فيها الإخوة نظرات أكثر مما تبادلوا كلمات.
لكن في ليلة شتوية باردة، جمعتهم حنين مرة أخرى، هذه المرة على مائدة القرار.
قالت:
– "البيت ده بقى عبء علينا بدل ما يكون حضن. كل يوم فيه خلاف جديد... واللي راح مش راجع."
أجاب عمر مترددًا:
– "بس ده بيت أبويا... تربيت فيه. كيف نبيعه؟"
رد وليد، الذي كان أكثرهم صمتًا منذ انكشاف السر:
– "أنا تعبت... كل ليلة أرجع وأنام وأسمع صوت أبوي في الغرفة. البيت ده ما عاد بيت."
تدخلت الأم أخيرًا، بعد صمت طويل:
– "لو البيت هيهدّكم... بيعه أهون. بس حافظوا على بعض. البيت ما يسوى لو راحت القلوب."
اقترحت حنين أن يتواصلوا مع مستثمر مهتم بتحويل البيت إلى مكتب إداري، بشرط أن يُمنحوا مهلة شهر لتجهيز الذكريات والمغادرة.
وافق الجميع، بقلوب مثقلة...
لكن للمرة الأولى، كان هناك اتفاق.
الفصل السابع: الوداع
في اليوم الأخير، وقفت الأم في الممر تمسك صورة قديمة لها مع الأب.
قالت بصوت مكسور:
– "كان نفسي نكمل سوا فيه... بس ربنا اختار، وإنتو كمان اخترتوا."
دخلت حنين غرفتها، نظرت إلى الحائط الذي كانت تكتب عليه ملاحظاتها أيام المراهقة،
ثم أخرجت دفترًا قديمًا من تحت السرير، واحتضنته.
جمع وليد مفاتيح البيت، وقف عند الباب، ثم التفت ونظر نظرة أخيرة:
– "أنا آسف يا أبا... ما قدرت أحافظ عليه، بس يمكن نقدر نحافظ على بعض."
خرج الجميع.
البيت أصبح صامتًا، لكنه هذه المرة صمت نهائي...
ليس كالسابق، بل صمت وداع أخير.
في السيارة، لم يتكلم أحد.
لكن حنين نظرت من الشباك وقالت بصوت خافت:
– "مش مهم البيت... المهم نرجع نحب بعض."
ابتسمت الأم أخيرًا، دمعة واحدة انزلقت من عينها...
وكان ذلك أول مؤشر أن السلام بدأ يعود.



