جدران القصر الصامتة
في قصرٍ عريق تقف جدرانه شامخة منذ مئات السنين، كانت تعيش فتاة تُدعى إليارا. لم تكن أميرة تتباهى بالمجوهرات والتيجان، بل كانت أميرة بصمتها، بجمالها الساحر وهدوئها العميق. كانت تبلغ من العمر خمسة وعشرين عامًا، بشعرٍ طويل ينسدل على كتفيها مثل شلال من الحرير، وعيون زرقاء كأنها قطعة من السماء، وبشرة بيضاء تضاهي ضوء القمر.
قصرها كان ضخمًا، تحيط به الحدائق والنافورات، لكنه كان هادئًا بشكل مريب. لا أصوات ضحك، ولا صخب حفلات. فقط خطواتها على الأرض الرخامية تصدح في الفراغ. كانت إليارا تمشي في ممرات القصر الطويلة كل صباح، تُحدّث الصور المعلّقة على الجدران وكأنها أصدقاء أحياء.
منذ وفاة والديها قبل عشر سنوات، أصبحت وحدها في هذا القصر، ترث عرشًا لا تعرف كيف تحكمه، وتُخفي أسرارًا لا تعرف كيف تكشفها. لم يكن هناك من يرافقها سوى الخدم القليلين، الذين يتجنبون النظر في عينيها وكأنهم يخشون ما قد يرونه فيهما.
في إحدى الليالي، وبينما كانت تتأمل السماء من شرفة غرفتها العليا، سمعت همسة خافتة تأتي من داخل الجدار. همسة لم تكن صادرة عن الريح، بل كانت أقرب إلى صوت امرأة تقول:
"إليارا... اقتربي من المرآة..."
تجمدت في مكانها. نظرت حولها، لا أحد. كانت وحدها.
تقدّمت نحو المرآة العتيقة المعلّقة بجوار سريرها، والتي لم تكن تستخدمها إلا نادرًا. رفعت يدها ولمست زجاجها البارد، لكن ما رأته لم يكن انعكاسها… بل رسالة مكتوبة على الزجاج من الداخل!
كانت الرسالة محفورة بلغة قديمة تعرفها إليارا من كتب والدتها:
"المفتاح في الضوء... وابحثي عن الحقيقة في الليلة التي تختفي فيها الشمس."
شعرت برعشة تسري في جسدها. من كتب هذه الرسالة؟ ومن أين جاء الصوت؟ ولماذا الآن؟
منذ تلك الليلة، تغيرت حياة إليارا إلى الأبد.الفصل الثاني: الوليمة المقنّعة
استيقظت إليارا في الصباح التالي على طرق خفيف على باب غرفتها. فتحت الباب لتجد إحدى الخادمات تحمل صندوقًا مزخرفًا من الخشب العطري، قالت وهي تخفض رأسها:
"أميرة القصر، أُمرنا بتجهيزك الليلة لحضور الوليمة الكبرى في القاعة الذهبية."
رفعت إليارا حاجبيها بدهشة. لم تُدعَ إلى أي ولائم منذ سنوات، والقصر لم يشهد احتفالًا منذ رحيل الملك والملكة. فمن دعا؟ ولماذا الآن؟
أخذت الصندوق وأغلقَت الباب، ثم فتحته ببطء. في داخله فستان حريري أزرق داكن، مُطرز بخيوط فضية تلمع كالنجوم، وقناعٌ من الفضة الناعمة مرصع بحجر أزرق في المنتصف — يشبه لون عينيها تمامًا.
مع حلول المساء، ارتدت إليارا الفستان ووضعت القناع على وجهها. شعرت وكأنها تختبئ خلفه — ليس فقط من الآخرين، بل حتى من نفسها. وفي اللحظة التي دخلت فيها القاعة الذهبية، كانت الأضواء خافتة، والشموع ترقص في زوايا المكان، والموسيقى تهمس بألحان قديمة تلامس القلب.
كان الحضور مجهولي الهويّة، جميعهم يرتدون أقنعة، يهمسون ويضحكون ويتحركون كما لو كانوا أطيافًا في حلم. لم تتعرف على أحد، ولم يقترب منها أحد.
لكن في وسط القاعة، وقف رجل طويل يرتدي عباءة سوداء وقناعًا ذهبيًا لامعًا. عيونه — رغم القناع — كانت مألوفة بطريقة غريبة، وكأنها نظرت إلى عينيها قبل أعوام طويلة.
تقدم الرجل نحوها ومدّ يده:
"هل لي بهذه الرقصة... أيتها الأميرة؟"
ترددت للحظة، ثم وضعت يدها في يده. كانت دافئة بشكل غريب، مطمئنة.
بدأا يرقصان في صمت، بين الحشود التي اختفت من حولهما فجأة، وكأن العالم كله تقلص ليشملهما فقط. شعرت إليارا بشيءٍ غريب… هذا الرجل يعرفها، بل يعرف قلبها.
همس في أذنها بصوتٍ عميق:
"أنتِ لستِ وحدكِ في هذا القصر... الحقيقة أقرب مما تتصورين."
وقبل أن تسأله أي شيء، انطفأت الأنوار فجأة، وتلاشى الصوت والموسيقى، وعندما عادت الأضواء... كان الرجل قد اختفى.
وبقيت إليارا وسط القاعة، يدها ممدودة، وقلبها مليء بأسئلة لا حصر لهاالفصل الثالث: رسائل خلف المرآة
بعد اختفاء الرجل الغامض من القاعة، لم تستطع إليارا النوم. عادت إلى غرفتها بخطوات بطيئة، وقلبها ينبض بسرعة غريبة. من ذلك الرجل؟ وكيف عرف أنها ليست وحدها؟ ولماذا شعرَت معه بالأمان رغم أنها لم ترَ وجهه؟
في منتصف الليل، جلست أمام المرآة القديمة من جديد. تذكرت الكلمات التي رأتها محفورة ليلة البارحة:
"المفتاح في الضوء... وابحثي عن الحقيقة في الليلة التي تختفي فيها الشمس."
همست في نفسها:
"الليلة كانت الوليمة... وكان القمر غائبًا... فهل كانت هذه الليلة المقصودة؟"
حدّقت في المرآة طويلاً، ثم نهضت وأحضرت شمعة، وأشعلتها أمام الزجاج. وفجأة… ومع اهتزاز الضوء، بدأ سطح المرآة يتغير.
ظهر انعكاس غرفة أخرى خلف الزجاج، غرفة لم ترها من قبل! جدرانها مغطاة بالكتب القديمة، ورفوفها مكدسة برسائل مغلقة بشمع ملكي أحمر.
وفجأة… انفتح باب صغير في أسفل المرآة لم تلحظه من قبل. أخرجت منه مظروفًا قديماً مغطى بطبقة من الغبار، وعلى وجهه نقش ذهبي يحمل أول حرف من اسم والدتها: “ل”.
بيد مرتعشة فتحت الظرف، وأخرجت منه رسالة مكتوبة بخطٍ أنيق:
"إلى ابنتي إليارا...
إذا وجدتِ هذه الرسالة، فهذا يعني أن الوقت قد حان لتعرفي الحقيقة.
القصر يخفي أسرارًا كثيرة، ولكن أهمها... أنك لستِ فقط أميرة هذا المكان، بل وريثة عهدٍ أقدم من التاج، أقوى من الذهب، وأنقى من الدم.
أخبّأت لكِ ما تحتاجينه في غرفةٍ لا تُفتح إلا بقلبٍ لا يعرف الخوف. اتبعي طائر الفجر، وستجدين الطريق."
دمعت عينا إليارا، وترددت أنفاسها.
لم تكن هذه مجرد كلمات من أم مفقودة... بل مفتاحًا إلى شيء عميق.
في تلك اللحظة، سمعت صوتًا خافتًا يأتي من الشرفة... صوت جناحين يرفرفان.
فتحت الباب، لتجد طائرًا أبيض صغيرًا يقف على السور، ينظر إليها بثبات... وكأنه ينتظرهاالفصل الرابع: همسات من الحديقة
وقفت إليارا تحدّق في الطائر الأبيض الصغير. كان يشبه "طائر الفجر" الذي كانت والدتها تقصّ عليه قصصًا عنه عندما كانت طفلة — طائر يظهر فقط في اللحظات المصيرية، ويقود صاحبه إلى الحقائق المخفية.
بلا تردد، ارتدت عباءتها وخرجت خلف الطائر في الليل البارد. لم تكن تخشى شيئًا… بل كانت مشتاقة للحقيقة، لأي خيط يوصلها إلى والدتها، أو إلى فك لغز حياتها.
قادها الطائر عبر ممرات القصر، ثم عبر البوابة الخلفية التي لم تُفتح منذ سنوات، حتى وصلت إلى الحديقة الشرقية — حديقة مهجورة، مغطاة بأوراق الأشجار الجافة والورود التي فقدت ألوانها.
وقف الطائر فوق تمثال رخامي لامرأة تضع يدها على قلبها، ومن خلف التمثال ظهرت بوابة حديدية نصف مدفونة تحت الأرض. كانت مغلقة بسلسلة صدئة، لكن ما أثار دهشتها أن التمثال نفسه بدأ يصدر صوتًا خافتًا يشبه التنفس!
اقتربت إليارا، وضعت يدها على الحجر البارد… وفجأة، سُمِعَ صوتٌ هامس خرج من لا مكان:
"قلبك هو المفتاح… إن خفتِ، أغلق الباب إلى الأبد."
ترددت. هل تقصد الرسالة أن البوابة لن تُفتح إلا إذا تغلبت على خوفها؟
وضعت يدها على السلسلة… وشعرت بخوف قديم يحاول منعها:
– الخوف من الحقيقة،
– الخوف من أن تكون والدتها رحلت للأبد،
– والخوف من أن كل ما تعيشه ليس سوى كذبة كبرى.
لكنها قالت بصوت عالٍ، وكأنها ترد على الهمس:
"أنا لا أخاف."
وفي لحظة… سقطت السلسلة أرضًا، وبدأت البوابة تُفتح ببطء، تصدر صوتًا يشبه تنهيدة قديمة.
دخلت إليارا، والطائر يرفرف أمامها، يقودها نحو ممر مظلم تفوح منه رائحة العطور القديمة والكتب المحترقة.
في نهاية الممر، وصلت إلى غرفة صغيرة. كانت تشبه المكتبة، لكن في وسطها صندوق خشبي ضخم. اقتربت منه، فوجدت عليه رمزًا محفورًا — شجرة ذات جذور ملتفة على شكل قلب — نفس الرمز الذي كانت تراه على عقد والدتها دائمًا.
فتحت الصندوق ببطء… وما رأتَه جعل قلبها يتوقف للحظة.
داخل الصندوق، كانت هناك صورة قديمة تجمع والدتها مع رجل غريب، وطفلتين…
طفلتين متطابقتين تمامًا.
إليارا شهقت.
"أنا... لستُ وحيدة الفصل الخامس: الظلّ الآخر
وقفت إليارا تحدّق في الصورة، يداها ترتجفان وعيناها لا تصدقان. كانت الصورة قديمة، باهتة الألوان، لكنها واضحة بما يكفي لتُظهر الحقيقة التي حُجبت عنها طوال حياتها: هناك فتاة أخرى… تشبهها تمامًا!
كانت الطفلتان تبتسمان، ترتديان نفس الفستان الأبيض، ولكل منهما شعر طويل وعيون زرقاء لامعة. بجانبهما كانت الأم تمسك بيديهما، وخلفها يقف رجل طويل، ملامحه غامضة، لكنه يضع يده على كتف إحداهما.
تسارعت أنفاس إليارا، وكل ذكرى في طفولتها بدأت ترتجف في ذاكرتها…
هل كانت تتذكر ظلاً ينام بجوارها؟
ضحكة أخرى تشبه ضحكتها؟
همسات كانت تُنسب للريح، لكنها في الحقيقة كانت همسات أختها؟
نظرت خلف الصورة، فوجدت ورقة صغيرة مطويّة بدقة، مكتوب عليها:
"إلى من تبقّى…
لو وجدتِ هذه الصورة، فاعلمي أن هناك من يسكن القصر معك، يعرفك كما تعرفين نفسك… لكنه نشأ في الظلال. هي أختك… لكنها لا تعرفك الآن. حُرمت من النور، وعاشت في الجناح الممنوع، حيث لا أحد يدخله.
احذري، فالظلال لا تسامح بسهولة."
شهقت إليارا، وتذكّرت جناحًا قديماً في القصر كانت الخادمات يحذرنها من الاقتراب منه. باب خشبي مغلق دائمًا، مغطى بستائر سوداء، وكانت تسمع منه أصواتًا خافتة في الليالي البعيدة… لكن قيل لها إنها مجرد رياح.
"كانت هناك طوال الوقت؟" همست إليارا.
عاد الطائر الأبيض، وقف على حافة الصندوق، ورفرف بجناحيه نحو الممر المظلم، كما لو أنه يقول: "الطريق لم ينتهِ هنا."
نهضت إليارا، حملت الصورة والرسالة، وخرجت من الغرفة. عادت إلى القصر، وعيناها لا تزيغان عن هدفها…
الجناح الممنوع.
اليوم… ستفتح الباب الفصل السادس: باب الظلال
وقفت إليارا أمام الباب الخشبي الكبير في نهاية الممر الغربي من القصر. كان مغطّى بستائر سوداء ثقيلة، ومقابضه نحاسية صدئة كأن لم تُلمس منذ سنوات. هو الباب الذي لطالما مرّت من جانبه بسرعة، تتجاهله… تخافه… والآن، أصبحت فيه إجابات ماضيها الغامض.
يدها تماسكت على المقبض. قلبها ينبض بقوة، ليس خوفًا… بل خليطًا من الفضول، والرعب، والحنين لشخص لا تعرفه… أختها!
لفحتها رائحة عتيقة عندما فتح الباب. كان الهواء باردًا، والظلام كثيفًا كأنه يبتلع الضوء. لم تكن هناك نوافذ، فقط شمعة واحدة مضيئة على طاولة صغيرة في المنتصف. الجدران مغطاة برسومات مرسومة بالفحم، جميعها وجوه متشابهة… وكلها تشبه إليارا.
تقدّمت خطوة بخطوة… وفي الزاوية البعيدة من الغرفة، كانت هناك فتاة تجلس على الأرض، ظهرها للباب، شعرها طويل مثلها تمامًا، يتدلّى على الأرض، وترتدي فستانًا أسود بسيطًا.
قالت بصوتٍ خافت دون أن تلتفت:
"كنت أعلم أنكِ ستأتين… لقد رأيتكِ في أحلامي منذ سنوات."
تجمّدت إليارا في مكانها. كان الصوت مثل صوتها… لكن فيه شيء حاد، مكسور.
قالت إليارا بصوت مرتجف:
"من أنتِ؟"
استدارت الفتاة ببطء… وكانت المفاجأة.
كانت ملامحها مطابقة تمامًا، وكأن إليارا تنظر في مرآة مشروخة. نفس العيون، نفس الشعر، نفس الوجه… لكن في عينيها ظلال وجراح لا تُرى.
قالت الفتاة:
"أنا الظلّ الذي أبعدوه… الاسم الذي نُسي… الأخت التي تُركت خلف الجدران."
اقتربت خطوة، وهمست:
"أنا نِيالا… توأمك."
تقدّمت إليارا وهي تشعر بثقل الكلمات، كأن الهواء من حولها تغيّر.
"لماذا… لم يخبرني أحد؟ لماذا لم يخبرونا؟"
ضحكت نيالا بسخرية حزينة، وقالت:
"لأنهم خافوا مني… قالوا إنني مختلفة. رأيت أشياءً لا يراها غيري… وكنت أتحدث في نومي عن أشياء لم تحدث بعد. فقرروا أن يُخفوني عن العالم… وحتى عنك."
نظرت إليها إليارا بدموع في عينيها، ومدّت يدها ببطء:
"لكن أنا هنا الآن… وسأعيدك للنور، يا أختي."
لكن نيالا لم تمسك يدها. بل قالت بنبرة غامضة:
"النور ليس للجميع… وهناك ثمن لكل شيء. هل أنتِ مستعدةالفصل السابع: ثمن النور
ترددت كلمات نيالا في الهواء كأصداء تُخيف الأرواح:
"هل أنتِ مستعدة؟"
سؤال بسيط… لكن خلفه عالَم من الظلال والوعود المنسية.
تقدّمت إليارا خطوة أخرى، شعرت بالأرض وكأنها تنبض تحت قدميها.
"أنا مستعدة"، قالتها بثبات، "حتى لو كان الثمن باهظًا… لن أتركك هنا بعد الآن."
نظرت إليها نيالا بعينين زرقاوين تشعّان بالحزن، لكن داخلهما بريق خفي.
قالت:
"الثمن ليس فقط أن تخرجيني من هذا الجناح… بل أن تواجهي القصر. فالقصر ليس كما كنتِ تظنين. هو حيّ، يراقب، ويختار من يملكون القوة على رؤية أسراره."
سألتها إليارا بقلق:
"ما الذي تعنينه؟"
أشارت نيالا إلى الحائط الخلفي، حيث خُيّل لإليارا أن الجدار يتحرك… وعندما اقتربت، لاحظت أنه مغطى بنقوش دقيقة، تشبه خريطة. في مركز الخريطة دائرة محاطة بثلاث رموز: القلب – العين – اللهب.
قالت نيالا بصوت غامض:
"هذه خريطة القصر الحقيقي… ما ترينه أنتِ ليس سوى نصفه. النصف الآخر… خُبئ منذ زمن بعيد عن الورثة. فقط من تجتمع فيهم الرموز الثلاثة يستطيعون الوصول إليه."
نظرت إليها إليارا وسألت:
"وأين نجد هذه الرموز؟"
ابتسمت نيالا ابتسامة غامضة، ثم قالت:
"رمز القلب… في المكان الذي مات فيه والدانا.
رمز العين… في برج الساحر القديم.
أما رمز اللهب… فهو بداخلي أنا."
شهقت إليارا:
"ماذا تقصدين؟"
أجابت نيالا:
"لقد حاولوا قتلي… لكني احترقت من الداخل ولم أمُت. منذ تلك اللحظة… تغير كل شيء."
صمتت الفتاتان للحظة. ثم قالت إليارا:
"سآخذك معي… وسنبدأ الرحلة سويًا. سنجد الرموز الثلاثة… ونكشف الحقيقة."
وضعت نيالا يدها فوق يد أختها أخيرًا، وقالت:
"لكن تذكّري… في هذه الرحلة، لا عودة."
أومأت إليارا، وعيناها لا تحملان سوى الإصرار.
في تلك اللحظة… ارتجّت جدران الجناح، وانفتح جدار خلفي لم يكن مرئيًا، يقود إلى ممر حجري قديم… ممر لم يُفتح منذ مئة عام.
وكانت هذه بداية الرحلةالفصل الثامن: رحلة إلى برج الساحر
دخلت إليارا ونيالا الممر الحجري، كان ضيقًا ومظلمًا، لا يكاد يتسع لاثنتين تمشيان جنبًا إلى جنب. كان الهواء ثقيلاً، تفوح منه رائحة الحجر الرطب والكتب القديمة. وبين الحين والآخر، كانت تسمع إليارا همسات بعيدة، كأن الجدران نفسها تتذكّر من مرّوا بها.
قالت نيالا وهي تمسك بشمعة قديمة أضاءتها للتو:
"البرج يقع في الطرف الغربي من القصر، خلف المكتبة السرّية… لكن لن نصل إليه بسهولة. الطريق محميّ بتعاويذ قديمة، تردّ كل من لا يحمل نَسَب العائلة."
سألتها إليارا:
"لكننا من نسل العائلة، أليس كذلك؟"
أجابت نيالا:
"نعم… لكن هناك من يشكك في دمي، لأنهم أنكروا وجودي منذ ولادتي. قد لا يقبل البرج مروري…"
توقّفت فجأة أمام باب خشبيّ عالٍ مغطّى بالغبار والعناكب. نُقش عليه بلغة قديمة:
"من أراد أن يرى… عليه أولاً أن يُبصِر الحقيقة في قلب الظلام."
وضعت إليارا يدها على الباب… لكنه لم يتحرّك.
همست نيالا:
"غضّ بصرك، وفكّر فيما تخشى رؤيته."
أغمضت إليارا عينيها. في قلب الظلام، لم ترَ سوى صورة والدتها، تقف على حافة شرفة عالية، تمسك بصندوق صغير، والدموع في عينيها. ثم رأت طفلتين، تُنتزع إحداهما من الأخرى… ثم الظلال… ثم نفسها وحيدة.
فتحت عينيها ببطء… وسمعت صوت الباب وهو يُفتح.
دخلتا إلى قاعة ضخمة، مضاءة بنور أزرق خافت، تتدلى من سقفها بلّورات متوهجة. في منتصف القاعة، كان هناك برجٌ صغير داخل الحجرة، مصنوع من زجاج أسود. بدا وكأنه ينبض بالحياة.
قالت نيالا:
"هذا هو برج الساحر… كان يختبئ داخل القصر، وليس خارجه كما يظن الجميع. داخله، تُحفظ ذاكرة العائلة، وأسرار الدم الملكي."
اقتربت إليارا من باب البرج، الذي فُتح من تلقاء نفسه عند اقترابها. وما إن دخلت… حتى أحاط بها ضوء ناصع سحبها بعيدًا، لترى رؤيا لم ترَها من قبل.
رأت والدها، كان في جدال مع مجموعة من الرجال. ثم والدتها، تحمل طفلتين بين ذراعيها، وتبكي وهي تودّع إحداهن.
ثم ظهر الرمز الأول: العين — تتوهج داخل البرج، كأنها وُضعت هناك منذ قرون، تنتظر من يراها فقط.
مدّت إليارا يدها، ولمّا لمست الرمز… عاد كل شيء إلى الظلام.
ووجدت نفسها خارج البرج، ونيالا تمسك بها.
قالت نيالا وهي تنظر لعينيها:
"لقد رأيتِ شيئًا… أليس كذلك؟"
أومأت إليارا بصوت خافت:
"رأيت الحقيقة… والأكاذيب… ورأيت من خاننالفصل التاسع: رماد الذكريات
خرجت إليارا ونيالا من برج الساحر، وكلتاهما تحمل في قلبها ثقل الرؤية. إليارا لم تُفصح عن كل ما رأته… لكنها أدركت أن الخيانة لم تأتِ من بعيد، بل من داخل القصر نفسه.
قالت نيالا بهدوء وهي تمشي إلى جانبها:
"الآن نملك رمز العين. بقي رمز القلب… حيث مات والدانا."
توقّفت إليارا وقالت:
"هل تعرفين أين حدث ذلك بالضبط؟"
أومأت نيالا برأسها، وقالت بصوت خافت:
"في الحديقة الخلفية… تحت شجرة اللوز السوداء. تلك التي لا تُثمر أبدًا."
كان الوقت يقترب من الغروب حين وصلتا إلى الحديقة الخلفية. المكان كان صامتًا بشكلٍ مريب، والهواء مشبع برائحة الأرض القديمة والذكريات التي لم تُدفن.
وقفت إليارا أمام الشجرة. جذعها مائل، ولون أوراقها أغمق من بقية الأشجار.
قالت نيالا:
"هنا… كانت والدتنا تهرب لتبكي حين كانوا يعزلونني. وفي ليلة العاصفة، وقعت المأساة… والدنا اختفى، ووالدتنا خرجت من هنا ولم تعد أبدًا."
اقتربت إليارا من الشجرة، ومدّت يدها تلمس الجذع، وهمست:
"هل تخبّئين لنا شيئًا؟"
فجأة، انشقت الأرض قليلاً عند جذور الشجرة، كأنها استجابت لنداء القلب.
ظهر صندوق صغير من الحديد الأسود، عليه نفس الرمز الذي رأته على عقد والدتها — شجرة بقلب يتدلى من فرعها.
فتحت الصندوق ببطء… بداخله كانت هناك وردة مجففة، وصورة أخرى لوالديها، وورقة كتبتها والدتها بخط يدها:
*"إلى من تجد هذه الوردة،
هي رمز لما بقي من قلبي. لم أستطع إنقاذ كلّ شيء، لكني وضعت قلبي هنا… حتى تعرفي أني كنت أقاتل من أجلكما.
الحب وحده لا يكفي لحماية النور… لكنّه بداية الطريق."*
وفجأة… بدأت الوردة تتوهج بلون أحمر دافئ، وخرج منها نور صغير تشكّل في الهواء… وتحول إلى رمز القلب.
قالت نيالا بدهشة:
"إنها استجابت لحُبّكِ لها… لأنكِ لا تحملين اسم العائلة فقط، بل قلبها أيضًا."
أمسكت إليارا بالرمز، ووضعته بجانب رمز العين داخل حقيبتها.
نظرت لأختها وقالت:
"بقي رمز واحد فقط… رمز اللهب."
سكتت نيالا، ثم قالت بحزم:
"ولأجل ذلك… سنذهب إلى أعمق جزء من القصر. إلى غرفة المرآة الملعونة… حيث أُحرقتُ أول مرة الفصل العاشر: مرآة النار
كانت الليلة ساكنة، لكن في أعماق القصر، كانت جدرانه تُصغي… وكأنها تعلم أن شيئًا عظيمًا على وشك الحدوث.
سارت إليارا ونيالا في ممرٍّ ضيّق خلف المكتبة الشرقية، يؤدي إلى قبوٍ منسيّ تحت الأرض، لا يدخله أحد منذ سنوات. كانت الحوائط مغطّاة بسواد السنين، والسقف يقطر ماءً باردًا. لكن في النهاية… كان هناك باب صغير من المعدن المنحوت عليه مرآة تتدلّى منها ألسنة لهب.
قالت نيالا بصوتٍ خافت:
"هذه هي… غرفة المرآة الملعونة. المكان الذي ظنّوا أنني متّ فيه."
سألتها إليارا:
"ما الذي حدث بالضبط؟"
تنهدت نيالا، واقتربت من الباب.
"في إحدى الليالي، دخلت هذه الغرفة لأني كنت أسمع المرآة تناديني… كانت تظهر لي صورًا من المستقبل، أحيانًا أحلامًا… وأحيانًا كوابيس. وعندما رآني أحد الخدم أتحدث مع المرآة، أخبر العائلة أن بي مسًّا أو لعنة. قرروا إحراق الغرفة… وأنا فيها."
شهقت إليارا.
"لكن كيف نجوتِ؟"
نظرت إليها نيالا وقالت:
"المرآة أنقذتني. فتحت لي بابًا إلى الظل… ومنذ ذلك اليوم، تغيّرت. أصبحت النار تسكنني، لكني لم أمت."
وضعت نيالا يدها على الباب… فانفتح من تلقاء نفسه، ولفحتهما نسمة ساخنة كأنها من أعماق الأرض.
دخلتا الغرفة… كانت كبيرة، وجدرانها مغطاة بالمرايا المكسورة. وفي منتصفها، مرآة واحدة كاملة، دائرية، محاطة بإطار من الحديد المحترق، تتوهّج بنيران لا تُطفأ.
قالت المرآة بصوتٍ ناعم لكنه مرعب:
"لقد عدتِ… يا من احترقتِ ولم تُمحَ."
اقتربت نيالا، ووقفت أمام المرآة، وقالت:
"جئتُ لأستعيد ما تركته هنا… النار التي وُلِدتُ منها."
وهنا… اشتعلت ألسنة اللهب حول الغرفة، لكن إليارا لم تتحرك. كانت تثق بنيالا.
بدأت المرآة تُظهر صورًا لهما وهما طفلتان، وأخرى لليالي الحريق، وأخرى لما هو قادم:
القصر ينهار… وأصوات تصرخ… وخيانات تُكشَف… وامرأتان تقفان وسط النيران، إحداهما تنجو، والأخرى تختفي.
قالت المرآة:
"لتحصلي على اللهب… يجب أن تختاري:
إما أن تشتعلي مجددًا وتفقدي جسدك… أو تنقلي النار إلى من تثقين بها."
نظرت نيالا إلى إليارا… وساد صمت عميق.
قالت إليارا:
"انقليها إليّ. هذه رحلتنا معًا، وسنُكملها معًا."
هزّت نيالا رأسها، ثم مدّت يديها نحو أختها. اندفع اللهب من المرآة، دخل إلى جسد إليارا، أحاطها وهتف باسمها… لكنها لم تصرخ.
وقفت ثابتة… والنار لم تحرقها.
خرج من جسدها رمز اللهب، يتوهّج بلون أحمر ذهبي، ثم سكن بين يديها.
قالت المرآة أخيرًا:
"لقد اجتمعت الرموز الثلاثة… والباب سيفتح قريبًاالفصل الحادي عشر: المرآة الكبرى
خرجت إليارا ونيالا من غرفة النار، وكل منهما تحمل في روحها شيئًا مختلفًا: إليارا أصبحت تحمل طاقة اللهب المقدّس، ونيالا شعرت لأول مرة منذ سنوات أنها ليست وحدها.
الرموز الثلاثة الآن في يد واحدة:
رمز القلب من تحت شجرة اللوز السوداء.
رمز العين من برج الساحر.
رمز اللهب من غرفة المرآة.
قالت إليارا وهي تضع الرموز على قطعة قماش مخملية:
"الآن… أين هو الباب؟ الباب الذي تفتحُه هذه الرموز؟"
أجابت نيالا بنبرة منخفضة، كأنها تُرتل سرًا دُفن منذ قرون:
"الباب لا يوجد في مكان ظاهر… بل خلف مرآة القاعة الكبرى. المرآة التي لم يجرؤ أحد على النظر فيها منذ اختفاء والدينا."
توجهتا إلى القاعة الكبرى. كانت مهجورة، يغطيها الغبار، والنوافذ مغلقة بالستائر الثقيلة. في صدر القاعة… علّقت مرآة ضخمة طولها خمسة أمتار، محاطة بإطار من الذهب الأسود، محفور عليه بلغة قديمة:
"ثلاث مفاتيح… ثلاث أرواح… إذا اجتمعت، انكشفت الحقيقة أو ابتلعها الظلام إلى الأبد."
قالت إليارا وهي تقف أمامها:
"هل هذه… هي؟"
أومأت نيالا بصمت.
اقتربت إليارا، وأخرجت الرموز الثلاثة. ما إن لمستها المرآة حتى بدأت تهتز، وتغير سطحها من الزجاج إلى شيء يشبه الماء الأسود. ثم بدأت تتكوّن دائرة في منتصفها… كأنها بوابة.
فجأة… بدأ صوت غريب يصدر من المرآة: صوت رجل وامرأة يتجادلان. كلمات مبعثرة تُقال:
"خيانة…
دم ملكي ملوث…
أوقفوها قبل أن يُعاد فتح الباب…
اللعنة ستعود!"
قالت نيالا وهي تضع يدها على قلبها:
"أصوات الماضي… إنهم يحاولون منعنا."
أمسكت إليارا بيد أختها، ونظرت في عينيها وقالت:
"نحن لسنا مثلهم. نحن لا نخون، نحن نكشف الحقيقة."
خطت إليارا داخل المرآة أولاً، شعرت بجسدها يمر من خلال حجاب بارد، ثم تبعتها نيالا… واختفتا.
على الجانب الآخر… لم يكن قصرًا ولا ممرًا. بل بُعدٌ مظلم، بلا زمن.
سماء سوداء تلمع فيها نجوم حمراء، وأرض من زجاج تتكسّر تحت الأقدام.
في المنتصف… كان هناك عرش قديم، مغطّى بالقيود، ومن خلفه رجل يرتدي عباءة طويلة، وجهه لا يُرى، لكن صوته ملأ المكان:
"لقد عدتما… بنات النور والظل… ولكن هل أنتما مستعدتان لتسمعا من أنا؟"
تجمّدت إليارا… لكن نيالا تقدمت وقالت بثبات:
"قل لنا الحقيقة… أيها الحارس الأخيرالفصل الثاني عشر: الحارس الأخير
وقف الرجل الغامض خلف العرش، كأن جسده ظلّ أكثر منه كيانًا.
قال:
"أنا الحارس الأخير لذاكرة القصر… وكل من سبقكنّ خاف أن يصل إلى هنا. ما تبحثان عنه… ليس مجرد أسرار بل ماضٍ دفنته دماء العائلة."
نظرت إليارا إلى نيالا، وقالت:
"نحن هنا لننهي الكذب… ونحرر كل من سُجن في ظله."
ردّ الحارس:
"إذن استعدا… لأن الحقيقة ستكسر من لا يتحمّلها."
ورفع يده… وفُتحت أبواب السماء الزجاجية، لينهال الضوء، ويبدأ الانكشافالفصل الثالث عشر: خيانة الدم
رأت الأختان أمامهما شاشة من النور، تعرض ما جرى منذ سنوات بعيدة.
كان والدهما، الأمير آرمان، يُحب امرأة من خارج النسب الملكي… والدتهما. وعندما أنجبت ابنتين، أصيب المجلس الملكي بالذعر:
"لا يمكن لابنة غير نقية الدم أن ترث القصر."
فقرّروا التخلّص من إحدى الطفلتين — نيالا.
لكن والدتهما خبّأتها، ودفعت الثمن غاليًا.
انفجرت إليارا بالبكاء:
"إذن… كانت كل تلك السنوات كذبة؟"
أومأ الحارس:
"والدك قُتل، ووالدتك اختارت الصمت لتنقذكماالفصل الرابع عشر: دموع الزجاج
انهارت إليارا، وشعرت أن القصر خانها كما خان والديها.
لكن نيالا، رغم الدموع، وقفت ثابتة.
قالت:
"لا مزيد من الخوف… سنكمل ما بدأه والداي."
ظهر الحارس مرة أخرى وقال:
"لديكما الآن خياران… فتح بوابة الحكم الجديد، أو ترك القصر في ظلمته إلى الأبد الفصل الخامس عشر: اختبار النار
قال الحارس:
"لكي تُفتَح بوابة الحكم الجديد، على كل واحدة منكما أن تعبر اختبار النار والظل والروح."
بدأت نيالا أولاً. دخلت قاعة مشتعلة، وجُرّدت من كل قوتها، لترى نفسها كطفلة وحيدة.
لكنها نظرت إلى انعكاسها وقالت:
"أنا لست مكسورة… أنا ناجية."
وانطفأت النار.الفصل السادس عشر: اختبار الروح
دخلت إليارا قاعة الروح، حيث رأت نسخة منها تقف مقابلة لها.
النسخة كانت تقول:
"أنتِ ضعيفة… لا تصلحين لقيادة القصر."
لكن إليارا أمسكت بيدها وقالت:
"أنا لست وحدي. أنا نصفان… أنا وأختي."
واختفى الانعكاس، وخرجت بابتسامةلفصل السابع عشر: المفتاح الأخير
بعد عبور الاختبارات، سلّمهما الحارس المفتاح الذهبي:
"هذا يفتح الغرفة الأخيرة في القصر… غرفة النور."
حذّرهما:
"من يفتحها، قد لا يخرج منها كما دخل."
لكن إليارا قالت:
"إذا تغيّرت… فليكن ذلك إلى ما أنا عليه حقًا."الفصل الثامن عشر: غرفة النور
دخلتا الغرفة، فوجدتا بداخلها كرسيان من الضوء، ومرآة ساطعة.
قال الصوت:
"اجلسا، ولتتحد دماءكما."
جلست الأختان، وامتلأ المكان بضوءٍ أبيض قوي، ثمالفصل التاسع عشر: اتحاد الأختين
اندفعت الطاقة من الرموز الثلاثة، وارتفعت المرآة، لتكشف عن تاج قديم… كان تاج الملكة الأولى التي أسست القصر.
اختار التاج إليارا، لكنه انقسم لنصفين… أحدهما لنيالا، والآخر لها.
قالت المرآة:
"لأول مرة منذ قرون… ورثة حقيقياتالفصل العشرون: عودة القصر
عاد القصر ليضيء من جديد. الجدران القديمة بدأت تتشقق، وتخرج منها أصوات أرواح كانت مسجونة.
فتحت إليارا النوافذ لأول مرة، ورأت الشمس تدخل المكان.
قالت نيالا:
"لم أظن أنني سأرى النور هنا من جديدالفصل الحادي والعشرون: إعلان الملكة
أعلنت إليارا ونيالا أمام شعب المملكة حقيقة ما جرى، وكشفت وثائق الخيانة.
تمّت محاكمة من تبقى من المجلس القديم.
وأصبحت الأختان وصيّتين على العدل والنور.
📖 الفصل الثاني والعشرون: بداية العهد
بدأت إليارا بإصلاح القصر، وإعادة إحياء المدرسة الملكية، وفتحه للجميع، حتى من خارج النسب.
أما نيالا، فأنشأت جناحًا خاصًا للشفاء من مآسي الظلمالفصل الثالث والعشرون: رسالة الأم
وجدتا في جناح قديم رسالة كانت مخبّأة لسنوات من والدتهما، تقول:
"أنا فخورة بكما. النور فيكما… لا تدعاه يخبو."
بكت إليارا ونيالا… ثم ضحكتاالفصل الرابع والعشرون: الظل الأخير
في إحدى الليالي، عاد ظلّ قديم، أحد أفراد المجلس المنفيين، يحاول سرقة الرموز.
لكن إليارا، التي أصبحت تُتقن طاقة المرآة، أوقفته في لحظة، وقالت له:
"انتهى زمن الخوف الفصل الخامس والعشرون: القصر يتنفّس
بدأت الحدائق تنبت من جديد، والعصافير تعود إلى الأبراج المهجورة.
كان القصر أخيرًا حيًاالفصل السادس والعشرون: زيارة الوفود
جاءت ممالك أخرى تطلب المشورة من الملكتين.
أصبحت إليارا رمزًا للحكمة، ونيالا رمزًا للقوة📖 الفصل السابع والعشرون: الحب في ظل النور
التقت إليارا بشاب نبيل بسيط من خارج المملكة، أحبّ فيها الشجاعة لا الجمال.
وبدأت بينهما قصة لا تشبه الحكايات، بل الحياة
📖 الفصل الثامن والعشرون: الوصية الأخيرة
قبل أن تسافر في مهمة سلام، كتبت إليارا وصيّتها:
"إن اختفى النور، ابحثوا عنه داخل القلوب، لا خلف التاج."
📖 الفصل التاسع والعشرون: ولادة النور الجديد
أنجبت إليارا فتاة، أسمتها "آلين"، ذات شعر طويل وعيون زرقاء كبُحيرة نقية…
ورأت فيها بداية جديدة، لا تشبه ما مضىالفصل الثلاثون: نهاية الحكاية… وبدايتها
وقفت إليارا على شرفة القصر، ونيالا إلى جانبها.
قالت لها:
"هل تظنين أن القصص تنتهي حقًا؟"
ابتسمت نيالا وقالت:
"لا… القصص مثل القصور. تُهجر، لكنها لا تُنسى."
ثم أُغلق الكتاب… لكن مرآة القصر بقيت، تلمع كلما اقتربت منها فتاة تملك قلبًا نقيًا
