"قلوب لا تعرف العدل"
شخصيات القصة:
الجدة فضيلة: امرأة مسنّة حازمة، لكنها تميّز في المعاملة بين أولادها وأحفادها.
الابن الأكبر (خالد): متزوج من منى، وله طفلان: يزن ورنا.
الابن الأصغر (مروان): متزوج من سمية، وله طفلة: جود.
الابنة الكبرى (تهاني): مطلقة، ولها ابنتان: سما وليان.
الابنة الصغرى (سحر): غير متزوجة، تسكن مع والدتها وتساعدها.
الفصل الأول: بيت العائلة
في أحد أحياء المدينة القديمة، تعيش الجدة فضيلة في بيت كبير قديم ورثته عن زوجها. بعد وفاة زوجها، جمعت أبناءها تحت سقف واحد، لكنها بدأت تفرّق في المعاملة منذ أن سكنت معها ابنتها تهاني بعد طلاقها.
كانت الجدة تظهر حناناً زائداً تجاه سما وليان، بنات تهاني، وتغدق عليهن بالهدايا والكلام الطيب، بينما كانت تتعامل بجفاء مع أحفادها من أبناءها الذكور، خاصة أطفال خالد ومروان.
الفصل الثاني: الكيل بمكيالين
كانت منى، زوجة خالد، تحاول التقرب من الجدة لإرضائها، لكن فضيلة كانت تصدّها دائمًا وتعيب عليها في تربية يزن ورنا. أما سمية، زوجة مروان، فكانت صريحة، لم تقبل الظلم، وكانت تقول لمروان:
"يا مروان، أولادك مش أقل من بنات أختك... ليه أمك تعاملهم كأنهم غُرب؟"
وكان مروان في حيرة، يخشى مواجهة أمه، لكنه بدأ يلاحظ دموع ابنته جود وهي تقول له:
"ليش تيتا ما بتحبني؟"
الفصل الثالث: المواجهة
ذات يوم، في عيد ميلاد رنا، جهزت منى حفلاً صغيراً في الحديقة، ودعت الجميع. حضرت الجدة، لكنها تجاهلت أحفادها من خالد ومروان، وأحضرت هدية كبيرة فقط لسما وليان.
لاحظ الجميع ذلك، وانفجر خالد أخيرًا:
"أمي، ليه دايمًا تفرقين؟! أولادي مو أولادك؟"
تدخلت تهاني محاولة تهدئة الموقف، لكن منى ردّت بقوة:
"كلكم شايفين، وبتسكتوا! كأنهم مو بشر!"
الجدة وقفت مذهولة، لم تتوقع المواجهة، لكن كلام جود كان القشة التي قصمت ظهرها، عندما اقتربت منها وقالت:
"أنا كنت بدعي ربي تحبيني زي سما... بس شكلي مش كفاية."
الفصل الرابع: دموع التوبة
بعد أيام من العتاب والمواجهة، جلست الجدة فضيلة وحدها، تتأمل صور الأحفاد. بدأت تراجع نفسها، وتذكرت كيف كانت تزرع التفرقة، دون أن تشعر، فظلمت أبناءها وأحفادها.
في يوم الجمعة، جمعت العائلة وأجهشت بالبكاء أمامهم:
"سامحوني... أنا ظلمتكم، وضيّعت حبكم بيدي."
بدأت تصحح خطأها، وتقربت من أحفادها، وخاصة جود، التي عانقتها بحرارة. أما خالد ومروان، فشعرا لأول مرة بأن أمهما بدأت ترى أبناءهم بعين المساواة.
الفصل الخامس: العدل المتأخر
مرّت الأشهر، وتبدلت الأجواء في البيت. عاد الدفء إلى العائلة، وبدأت فضيلة تعوّض ما فات، حتى إنها كتبت وصية تضمن فيها المساواة بين جميع الأحفاد.
لكن الذكرى الأليمة بقيت في القلوب، تذكّر الجميع أن العدل لا يُؤجَّل، وأن الظلم حين يأتي من أقرب الناس يكون أوجع ما يكون.:
جميل! إليك القصة نفسها مقسّمة إلى مشاهد حوارية، بطريقة تناسب التمثيل أو التحويل إلى قصة مصوّرة أو درامية. سأقسّمها إلى 5 مشاهد أساسية مع الحوارات والنقلات.
المشهد الأول: داخل بيت الجدة – غرفة الجلوس
(الجدة فضيلة تجلس على الكنبة، تهاني تجلس بجانبها، بينما سما وليان يلعبان قربها)
تهاني:
يمّا، سما وليان تعبوا كثير في المدرسة، شوفي الرسمات اللي عملوها!
الجدة فضيلة (بابتسامة فخر):
ما شاء الله، زي العسل! تعالوا يا حبيباتي، هذي هدايا لكم. (تمد لهم علبتين مغلّفتين)
(تدخل منى ومعها رنا ويزن)
منى (بهدوء):
السلام عليكم، جبت يزن ورنا يسلموا عليكي.
الجدة (ببرود):
هلا... خليهم يلعبوا بعيد، لا يخربوا الدنيا.
يزن (بهمس لرنا):
ليش دايمًا ما تفرح بشوفتنا زي سما وليان؟
المشهد الثاني: في المطبخ – منى وسمية تتحدثان
منى (بإحباط):
حسّيت إني ضيفة في بيت حماتي... وهي بيتها.
سمية (بحدة):
ما راح أتحمل أكثر. بنتي تبكي كل مرة نروح هناك. جود قالتلي: "تيتا ما تحبني..."
منى:
وإذا حكينا، يقولوا إحنا بنفتعل مشاكل.
سمية:
لازم أزواجنا يعرفوا الحقيقة... ويسووا شي.
المشهد الثالث: في حديقة البيت – حفلة عيد ميلاد رنا
(الكل مجتمع. الجدة تحضر ومعها هدايا فقط لسما وليان)
خالد (بتوتر):
أمي... عيد ميلاد بنتي، ليش ما جبتلها شي؟
الجدة (بتعجرف):
أنا أجيب على كيفي، ومو لازم كل مناسبة أوزّع فيها هدايا.
منى (بعين دامعة):
بس رنا واقفة تتفرج، وإنتِ عطيتِ لبنات تهاني قدامها!
مروان (بصوت منخفض):
يمّا، مو عدل اللي تسوينه.
جود (تقترب من الجدة):
تيتا... أنا كنت بدعي ربي تحبيني زي سما... بس شكلي مو كفاية.
(صمت ثقيل يعمّ المكان)
المشهد الرابع: غرفة الجدة ليلاً – حوار داخلي
(الجدة تجلس وحدها تنظر لصورة عائلية قديمة)
الجدة (تحدث نفسها):
أنا ظلمت... كنت أفكّر إني أحنّ على بنات بنتي لأنهم بلا أب...
بس نسيت أولاد أولادي، نسيت قلبي كيف لازم يكون واسع.
المشهد الخامس: يوم الجمعة – جلسة عائلية في غرفة الجلوس
(الجميع مجتمع، الجدة تطلب الكلام)
الجدة فضيلة (بدموع):
سامحوني... ظلمتكم، وفرّقت بين أحفادي. يمكن كنت أظن إني بحمي بنات تهاني، بس جرحتكم.
منى (بهدوء):
الله يسامحك، بس وجع الولاد ما كان بسيط.
سمية:
اللي راح ما يرجع، بس اللي جاي ممكن نصلّحه.
خالد:
نحن معك، بس بدنا أمّا اللي نعرفها... تكون للجميع.
الجدة (تنظر إلى جود):
تعالي يا جود... جدتك بتحبك، ويمكن تأخّرت، بس قلبي مفتوح إلك.
(جود تقترب وتحتضنها، الجميع يتأثر)
؟
"
مرت أسابيع بعد جلسة الاعتراف التي انهارت فيها الجدة فضيلة باكية، وبدأت العائلة تعيش أجواءً جديدة من الحذر والترقب. لم يكن من السهل أن تُمحى آثار سنوات من الظلم بتوبة مفاجئة. صحيح أن الجدة أبدت ندمها، لكنها لم تدرك بعد عمق الجرح الذي تركته في القلوب، وخاصة في قلوب الأطفال.
منى كانت تراقب من بعيد، تتريث، تفتح قلبها شيئًا فشيئًا، لكنها لم تسمح لنفسها بأن تنخدع بمظاهر التوبة. سمية، بطبعها الصريح، كانت أكثر صلابة، تقف كجدار حول ابنتها جود، وتصرّ على أن تتغير الأفعال لا الأقوال.
وفي قلب كل هذا، كان الأطفال – يزن، رنا، جود – يعيشون تحوّلات دقيقة لا يراها الكبار. بدأوا يتساءلون عن الحب الحقيقي، وعن العدل، وعن الفرق بين كلمات الجدة الحنونة ونظراتها القديمة التي لا تُنسى.
فصل جديد من المواجهة
في أحد الأيام، اجتمعت العائلة من جديد. هذه المرة كانت فضيلة هي من دعت الجميع، وقالت إنها تريد أن "تبدأ من جديد". حضرت منى وسمية بتردد، ومعهما الأطفال. تهاني حضرت وهي تمسك بيدَي سما وليان، بينما سحر كالعادة كانت تراقب المشهد بصمت.
الجدة فضيلة:
"أنا جمعتكم اليوم عشان نرسم طريق جديد... بس مو بكلام، بأفعال."
ثم فتحت مغلفًا كانت تخفيه في درج مكتبتها، ووزّعت أوراقًا على أولادها: كانت نسخة من مسودة تقسيم التركة، لأول مرة تكون فيها المساواة تامة، ليس فقط بين الأبناء، بل بين الأحفاد.
مروان (بدهشة):
"أمي... شو هاد؟!"
فضيلة (بصوت خافت):
"عدالة... تأخرت، بس ما بدي أموت قبل ما أزرعها."
سادت لحظة صمت، امتزج فيها الامتنان بالشك.
الضغوط تتزايد
لكن تغيير الجدة لم يرق للجميع.
تهاني، التي اعتادت الامتيازات والاهتمام، بدأت تشعر بأنها تخسر سلطتها. قالت لأمها في لحظة انفعال:
"بس يمّا، إحنا كنا بحاجة اهتمامك، مو عدل تساوي بينا وبينهم فجأة!"
لكن فضيلة ردت بحزم لم تعرفه تهاني من قبل:
"الاهتمام اللي فيه ظلم مو حب... كان لازم أفيق من زمان."
ومن هنا بدأت المعركة الحقيقية – ليست معركة كلام، بل معركة لإعادة توازن الأسرة.
نمو زوجات الأبناء
منى بدأت تُظهر قدرات لم تكن ظاهرة من قبل. أسست مشروعًا صغيرًا لبيع الحلويات من البيت، بمساعدة رنا ويزن، وبدأت تعتمد على نفسها وتكسب احترام العائلة. لم تعد تبحث عن رضا حماتها، بل عن رضا ذاتها.
أما سمية، فبادرت بفتح دورة تربوية في المركز المجتمعي للنساء، تتحدث فيها عن "الأمومة والعدالة العاطفية"، وجذبت عددًا من النساء، وبدأت جود تتألق وسط الأطفال الآخرين، بثقة لم تعرفها سابقًا.
خالد ومروان، وقد شاهدا نضج زوجتيهما، قررا بدورهما أن يكونا أكثر حضورًا. بدآ يأخذان مواقفًا أكثر وضوحًا، يدافعان عن أولادهما، ويشاركان في تربيتهم.
أول حفلة... للجميع
في نهاية العام الدراسي، اقترحت سحر إقامة حفلة عائلية تكريمية لجميع الأحفاد، بدون تمييز. كانت أول مرة يُعلَن فيها عن احتفال متساوٍ بين الأطفال. لم تكن هناك "هدايا خاصة"، ولا "أحفاد مفضلين"، بل جلسة دافئة فيها أغانٍ، وضحك، وأطباق من صنع منى وسمية وسحر.
الجدة جلست تراقب... وعيناها تدمعان. شاهدت جود تضحك مع سما، ويزن يركض مع ليان، ورنا تحتضن الجدة بدون خوف.
قالت سحر بهدوء:
"يمكن البيت ما يتغير بيوم... بس القلوب لو صفت، كل شي بيتبدل."
اللحظة الحاسمة
في تلك الليلة، جلست الجدة فضيلة مع سحر، وقالت لها:
"إنتي اللي كنتِ ساكتة طول الوقت... بس كنتي شايفة كل شي، صح؟"
سحر (بهدوء):
"أيوه يمّا، بس كنت عارفة إن الصوت ما بينفع إذا القلب مو جاهز يسمع."
فضيلة (تنظر إلى الخارج):
"والحين؟ تظنين لحقنا نصلح؟"
سحر (تبتسم):
"ما في أحد ما يقدر يبتدي من جديد... بس لازم نكمّل، مو نرجع."
انتصار الصبر
في السنوات التالية، تغيّر كل شيء.
كبر الأحفاد، لكنهم لم ينسوا الدرس. رنا أصبحت متفوقة في دراستها، تكتب مقالات عن "التمييز العائلي وأثره على الأطفال". جود أصبحت مرشدة لزميلاتها الصغيرات في المدرسة، وتحلم بأن تصبح معلمة.
منى فتحت محلًا صغيرًا للحلويات، وكتبت على واجهته:
"بيت العدل أحلى من بيت الذهب".
سمية أصبحت مربية مشهورة في منطقتها، تُدعى لإلقاء محاضرات عن التربية، وتحكي قصتها كأم انتصرت بصبرها.
أما الجدة فضيلة، فعاشت السنوات الأخيرة في هدوء، تحاول تعويض ما فات، وكانت تردد دائمًا:
"القلب اللي يتعلم يعتذر... أقوى من القلب اللي يفرض حبّه ظلمًا."
الخاتمة
في أحد الأيام، كتبت سحر في مفكرتها:
"البيت الذي بنته امرأة بعد سنين من الخطأ، وشاركت فيه زوجتان بالحب والثبات، قد يكون بيتًا تأخّر في النور... لكنه حين أضاء، أزال ظلالًا كانت تغطّي قلوب أطفال كانوا يستحقون العدالة من البداية."
وهكذا، انتصر الصبر، وانتصر الحب الحقيقي، وانتصر الإيمان بأن من يُقصى يومًا... قد يكون هو نور الغد.
المشهد الأول: داخل بيت الجدة – غرفة الجلوس
(الجدة فضيلة تجلس على الكنبة، تهاني تجلس بجانبها، بينما سما وليان يلعبان قربها)
تهاني:
يمّا، سما وليان تعبوا كثير في المدرسة، شوفي الرسمات اللي عملوها!
الجدة فضيلة (بابتسامة فخر):
ما شاء الله، زي العسل! تعالوا يا حبيباتي، هذي هدايا لكم. (تمد لهم علبتين مغلّفتين)
(تدخل منى ومعها رنا ويزن)
منى (بهدوء):
السلام عليكم، جبت يزن ورنا يسلموا عليكي.
الجدة (ببرود):
هلا... خليهم يلعبوا بعيد، لا يخربوا الدنيا.
يزن (بهمس لرنا):
ليش دايمًا ما تفرح بشوفتنا زي سما وليان؟
المشهد الثاني: في المطبخ – منى وسمية تتحدثان
منى (بإحباط):
حسّيت إني ضيفة في بيت حماتي... وهي بيتها.
سمية (بحدة):
ما راح أتحمل أكثر. بنتي تبكي كل مرة نروح هناك. جود قالتلي: "تيتا ما تحبني..."
منى:
وإذا حكينا، يقولوا إحنا بنفتعل مشاكل.
سمية:
لازم أزواجنا يعرفوا الحقيقة... ويسووا شي.
المشهد الثالث: في حديقة البيت – حفلة عيد ميلاد رنا
(الكل مجتمع. الجدة تحضر ومعها هدايا فقط لسما وليان)
خالد (بتوتر):
أمي... عيد ميلاد بنتي، ليش ما جبتلها شي؟
الجدة (بتعجرف):
أنا أجيب على كيفي، ومو لازم كل مناسبة أوزّع فيها هدايا.
منى (بعين دامعة):
بس رنا واقفة تتفرج، وإنتِ عطيتِ لبنات تهاني قدامها!
مروان (بصوت منخفض):
يمّا، مو عدل اللي تسوينه.
جود (تقترب من الجدة):
تيتا... أنا كنت بدعي ربي تحبيني زي سما... بس شكلي مو كفاية.
(صمت ثقيل يعمّ المكان)
المشهد الرابع: غرفة الجدة ليلاً – حوار داخلي
(الجدة تجلس وحدها تنظر لصورة عائلية قديمة)
الجدة (تحدث نفسها):
أنا ظلمت... كنت أفكّر إني أحنّ على بنات بنتي لأنهم بلا أب...
بس نسيت أولاد أولادي، نسيت قلبي كيف لازم يكون واسع.
المشهد الخامس: يوم الجمعة – جلسة عائلية في غرفة الجلوس
(الجميع مجتمع، الجدة تطلب الكلام)
الجدة فضيلة (بدموع):
سامحوني... ظلمتكم، وفرّقت بين أحفادي. يمكن كنت أظن إني بحمي بنات تهاني، بس جرحتكم.
منى (بهدوء):
الله يسامحك، بس وجع الولاد ما كان بسيط.
سمية:
اللي راح ما يرجع، بس اللي جاي ممكن نصلّحه.
خالد:
نحن معك، بس بدنا أمّا اللي نعرفها... تكون للجميع.
الجدة (تنظر إلى جود):
تعالي يا جود... جدتك بتحبك، ويمكن تأخّرت، بس قلبي مفتوح إلك.
(جود تقترب وتحتضنها، الجميع يتأثر)
قلوب لا تعرف العدل"
مرت أسابيع بعد جلسة الاعتراف التي انهارت فيها الجدة فضيلة باكية، وبدأت العائلة تعيش أجواءً جديدة من الحذر والترقب. لم يكن من السهل أن تُمحى آثار سنوات من الظلم بتوبة مفاجئة. صحيح أن الجدة أبدت ندمها، لكنها لم تدرك بعد عمق الجرح الذي تركته في القلوب، وخاصة في قلوب الأطفال.
منى كانت تراقب من بعيد، تتريث، تفتح قلبها شيئًا فشيئًا، لكنها لم تسمح لنفسها بأن تنخدع بمظاهر التوبة. سمية، بطبعها الصريح، كانت أكثر صلابة، تقف كجدار حول ابنتها جود، وتصرّ على أن تتغير الأفعال لا الأقوال.
وفي قلب كل هذا، كان الأطفال – يزن، رنا، جود – يعيشون تحوّلات دقيقة لا يراها الكبار. بدأوا يتساءلون عن الحب الحقيقي، وعن العدل، وعن الفرق بين كلمات الجدة الحنونة ونظراتها القديمة التي لا تُنسى.
فصل جديد من المواجهة
في أحد الأيام، اجتمعت العائلة من جديد. هذه المرة كانت فضيلة هي من دعت الجميع، وقالت إنها تريد أن "تبدأ من جديد". حضرت منى وسمية بتردد، ومعهما الأطفال. تهاني حضرت وهي تمسك بيدَي سما وليان، بينما سحر كالعادة كانت تراقب المشهد بصمت.
الجدة فضيلة:
"أنا جمعتكم اليوم عشان نرسم طريق جديد... بس مو بكلام، بأفعال."
ثم فتحت مغلفًا كانت تخفيه في درج مكتبتها، ووزّعت أوراقًا على أولادها: كانت نسخة من مسودة تقسيم التركة، لأول مرة تكون فيها المساواة تامة، ليس فقط بين الأبناء، بل بين الأحفاد.
مروان (بدهشة):
"أمي... شو هاد؟!"
فضيلة (بصوت خافت):
"عدالة... تأخرت، بس ما بدي أموت قبل ما أزرعها."
سادت لحظة صمت، امتزج فيها الامتنان بالشك.
الضغوط تتزايد
لكن تغيير الجدة لم يرق للجميع.
تهاني، التي اعتادت الامتيازات والاهتمام، بدأت تشعر بأنها تخسر سلطتها. قالت لأمها في لحظة انفعال:
"بس يمّا، إحنا كنا بحاجة اهتمامك، مو عدل تساوي بينا وبينهم فجأة!"
لكن فضيلة ردت بحزم لم تعرفه تهاني من قبل:
"الاهتمام اللي فيه ظلم مو حب... كان لازم أفيق من زمان."
ومن هنا بدأت المعركة الحقيقية – ليست معركة كلام، بل معركة لإعادة توازن الأسرة.
نمو زوجات الأبناء
منى بدأت تُظهر قدرات لم تكن ظاهرة من قبل. أسست مشروعًا صغيرًا لبيع الحلويات من البيت، بمساعدة رنا ويزن، وبدأت تعتمد على نفسها وتكسب احترام العائلة. لم تعد تبحث عن رضا حماتها، بل عن رضا ذاتها.
أما سمية، فبادرت بفتح دورة تربوية في المركز المجتمعي للنساء، تتحدث فيها عن "الأمومة والعدالة العاطفية"، وجذبت عددًا من النساء، وبدأت جود تتألق وسط الأطفال الآخرين، بثقة لم تعرفها سابقًا.
خالد ومروان، وقد شاهدا نضج زوجتيهما، قررا بدورهما أن يكونا أكثر حضورًا. بدآ يأخذان مواقفًا أكثر وضوحًا، يدافعان عن أولادهما، ويشاركان في تربيتهم.
أول حفلة... للجميع
في نهاية العام الدراسي، اقترحت سحر إقامة حفلة عائلية تكريمية لجميع الأحفاد، بدون تمييز. كانت أول مرة يُعلَن فيها عن احتفال متساوٍ بين الأطفال. لم تكن هناك "هدايا خاصة"، ولا "أحفاد مفضلين"، بل جلسة دافئة فيها أغانٍ، وضحك، وأطباق من صنع منى وسمية وسحر.
الجدة جلست تراقب... وعيناها تدمعان. شاهدت جود تضحك مع سما، ويزن يركض مع ليان، ورنا تحتضن الجدة بدون خوف.
قالت سحر بهدوء:
"يمكن البيت ما يتغير بيوم... بس القلوب لو صفت، كل شي بيتبدل."
اللحظة الحاسمة
في تلك الليلة، جلست الجدة فضيلة مع سحر، وقالت لها:
"إنتي اللي كنتِ ساكتة طول الوقت... بس كنتي شايفة كل شي، صح؟"
سحر (بهدوء):
"أيوه يمّا، بس كنت عارفة إن الصوت ما بينفع إذا القلب مو جاهز يسمع."
فضيلة (تنظر إلى الخارج):
"والحين؟ تظنين لحقنا نصلح؟"
سحر (تبتسم):
"ما في أحد ما يقدر يبتدي من جديد... بس لازم نكمّل، مو نرجع."
انتصار الصبر
في السنوات التالية، تغيّر كل شيء.
كبر الأحفاد، لكنهم لم ينسوا الدرس. رنا أصبحت متفوقة في دراستها، تكتب مقالات عن "التمييز العائلي وأثره على الأطفال". جود أصبحت مرشدة لزميلاتها الصغيرات في المدرسة، وتحلم بأن تصبح معلمة.
منى فتحت محلًا صغيرًا للحلويات، وكتبت على واجهته:
"بيت العدل أحلى من بيت الذهب".
سمية أصبحت مربية مشهورة في منطقتها، تُدعى لإلقاء محاضرات عن التربية، وتحكي قصتها كأم انتصرت بصبرها.
أما الجدة فضيلة، فعاشت السنوات الأخيرة في هدوء، تحاول تعويض ما فات، وكانت تردد دائمًا:
"القلب اللي يتعلم يعتذر... أقوى من القلب اللي يفرض حبّه ظلمًا."
الخاتمة
في أحد الأيام، كتبت سحر في مفكرتها:
"البيت الذي بنته امرأة بعد سنين من الخطأ، وشاركت فيه زوجتان بالحب والثبات، قد يكون بيتًا تأخّر في النور... لكنه حين أضاء، أزال ظلالًا كانت تغطّي قلوب أطفال كانوا يستحقون العدالة من البداية."
وهكذا، انتصر الصبر، وانتصر الحب الحقيقي، وانتصر الإيمان بأن من يُقصى يومًا... قد يكون هو نور الغد.



